elCinema.com

" شمس البارودى " تحكى أسرارها و أهم المحطات فى حياتها :

[ من صفحة شمس البارودي ]
شمس البارودي إحدى نجمات جيل السبعينيات والثمانينيات في السينما المصرية، حالة فنية فريدة لا تنسى فقد تربعت على عرش النجومية لسنوات عديدة وظلت هي نجمة الشباك الأكثر بطولات في جيلها. وفجأة وبدون مقدمات تركت كل البريق والنجومية لتعتزل وترتدي الحجاب وتعيش حياتها بعيداً عن الأضواء تتقرب أكثر لله وتتفقه في الدين وتعيش حياتها كزوجة وأم بعيداً عن ضجيج النجومية والأضواء. وبالرغم من اعتزالها وارتدائها الحجاب منذ أكثر من 40 عاماً، إلا أن أخبارها مازالت تحتل ترندات على جميع وسائل التواصل الاجتماعي. البعض قال إنها سوف تعود إلى الفن بحجابها في مسلسل عن حياتها والبعض الآخر قال إنها ستقدم برنامجاً دينياً، ولكن في حوار خاص كانت هذه صفحات من مذكراتها المليئة بالاسرار والمحطات الهامة في حياتها.
ما هى أهم المحطات فى حياتك لو قمتى بتسجيل مذكراتك ؟ :
طفولتي هي المشهد الأول في مذكراتي، سأحكي عن أمي كثيراً التي علمتني أن أهم وظيفة في حياة المرأة هي بيتها وأولادها، وسأحكي أيضاً عن أبي الذي علمنا التدين وحب الله وجبر الخواطر للناس جميعاً، فأبي كان يقول عنه الشيخ الشعراوي رجلاً صالحاً وجهه عليه نور الإيمان. حيث نشأت في أسرة أحاطها أبي وأمي بالفرحة والأمن والأمان والسعادة، فقد تزوجا عن قصة حب كبيرة عاشت معهما حتى الرحيل لم أتذكر أبداً أنهما تشاجرا في يوم من الأيام.
أمي كانت سيدة منزل ثقافتها حتى الثانوية العامة، وكان أكثر شيء تحببه لنا هو القراءة، فقد كانت حريصة على قراءة الكتب والمجلات وخاصة مجلة “حواء”، وقد تعلمت منها حب قراءة المجلات والتي استفدت منها أشياءَ كثيرة في حياتي. أتذكر عندما قرأت في يوم من الأيام مقالاً كان عن امرأة تركت بيتها وتفرغت لعملها حتى حدثت مشكلة كبيرة لأولادها، فرسخ في ذهني منذ ذلك الوقت أن الأم يكون عالمها من خلال البيت والزوج. فتربية الأبناء ومعاملة الزوج من أصعب المهن في الحياة، وأصعب من أي مهنة أخرى في أي عمل.
وماذا عن والدك؟ :
أبي تخرج في كلية التجارة وكان مدير مصانع كافوري للنسيج قبل التأميم، وبعد التأميم أصبح مدير مصانع شبرا الخيمة للصباغة والتجهيز، وكان أبي وأمي حريصين على أن يصحبونا إلى معارض الكتب لينمو فينا حب القراءة والثقافة إلى جانب أنهما كانا حريصين على أن تنمو عندي هواية الرسم، فقد كانا يشتريان لي الألوان والورق واللوحات التي أرسم عليها، وأتذكر أنني كنت طالبة تجيد رسم الخرائط فقد كنت أحب مادة الجغرافيا جداً، وكانت معلمتي أبلة سعدية تحرص على أن أرسم الخرائط وألوّنها؛ لأنني كنت أحب هذه الهواية جيداً.
مشهد من مشاهد حياة شمس البارودي لا تنساه؟ :
رحيل أختي الصغرى إلهام، وكانت في عامها الأول لا أنسى أبداً هذه الجريمة التي نشرت في الصحف وكيف توفيت بصورة أكثر بشاعة. فقد عشنا في حي شبرا بجوار عائلة أمي، وكنت أنا الأخت الكبرى وأبلغ من العمر خمس سنوات، وأخي ثم إلهام أختي الصغرى، وكنا نستعين باثنتين من المساعدات في المنزل واحدة كانت خاصة بالأبناء وأخرى لتنظيف المنزل. وفي يوم من الأيام، قامت زينب المساعدة لأمي الخاصة برعايتنا بالذهاب لشراء مستلزمات للبيت، وقمت أنا وأختي إلهام بالنزول معها لتعلقنا الشديد بها، وبعد نزولنا من المنزل بدأت تشتري المستلزمات فقالت لي إنها تحتاج لنقود؛ لأنها صرفت كل النقود التي معها وما زالت هناك أشياء لم تشترها، وبالفعل قمت بالذهاب لأمي وقلت لها إننا نريد بعضاً من الأموال لكي نشتري بقية المشتريات. فقالت لي أمي إن المال معنا يكفي ويزيد، فذهبت على الفور لأقول هذا الكلام لزينب فلم أجدها ولم أجد أختي إلهام.
فذهبت إلى أمي مسرعة، وقلت لها لم أجدهما. فقالت لي من الممكن أن تكون المساعدة ذهبت لتشتري بقية الأشياء، ولكنهما لم تعودا حتى المغرب فزاد القلق عند أمي أكثر، وأبلغت أبي بأننا لم نجد إلهام وأنها اختفت هي وزينب. وبدأت رحلة البحث عن إلهام، وقام والدي بالإبلاغ عن زينب واكتشفنا أنها مسجلة في خانة “الخطر والنشالة”، وبالفعل تم القبض عليها بعد بحث طويل. وبالضغط عليها، عرفنا طريق أختي ووجدناها قد تركتها في المقابر بعد أن أخذت منها كل الذهب الذي تلبسه.
وقضت أختي بمفردها ثلاثة أيام لم تأكل ولم تشرب وعاشت أختي يومين ورحلت في اليوم الثالث بعد أن تدهورت صحتها تماماً، وكانت صدمة كبيرة لنا. ولهذا السبب لم أستعن طوال حياتي بمساعدات معي في المنزل لرعاية أبنائي أثناء عملي، بل كنت أتركهم مع أمي أو أخت من أخواتي لأكون مطمئنة عليهم.
المشهد الثانى :
وما المشهد الثاني في حياة شمس البارودي في مذكراتك؟ كيف دخلت الفن وكيف بدأت حياتك حتى وصلت إلى النجومية وأصبحت من نجمات الصف الأول؟
تعرف أبي على المخرج إبراهيم شكري من خلال صديق له، وعندما عرض شكري على أبي أن يستعين بي وأخواتي البنات في فيلم تسجيلي عن الربيع وافق على الفور، وقد عرض الفيلم على شاشة التليفزيون المصري في بدايات إرساله.
وعندما حصلت في الثانوية العامة على مجموع أقل من كلية الحقوق وكلية الفنون الجميلة، قدم أبي لي في معهد السينما ومعهد الفنون المسرحية، وتم قبولي في المعهدين فالتحقت بمعهد الفنون المسرحية، ثم استعان بي المخرج عبد المنعم شكري في مسلسل “قطر الندى”. وقد توقف المسلسل بعد عرض الحلقة الأولى وتم تصويري على غلاف لمجلة “الجيل”، وقد رأت هذا الغلاف المنتجة ماري كويني. فاستعانت بي في دور صغير في فيلم “دنيا البنات” مع الفنانة ماجدة الصباحي، وكانت عمتي هي التي كانت تذهب معي إلى الأستوديو وترافقني في هذا الفيلم؛ لأن أبي وأمي كانا يرعيان أخواتي البنات.
وفي كواليس هذا العمل أتذكر أنني لم أكن أتحدث مع أحد وكانت مدام ماجدة الصباحي تتعامل معي بكل حب ورقة وحنان. وبعد تقديمي لمسلسل “العسل المر”، اختارتني الفنانة هند رستم في فيلم “الراهبة”، وكان الاختيار بيني وبين نيللي، وقد فضلت الفنانة هند رستم أن تستعين بي؛ لأنني لدي وجه مليء بالهدوء ومواصفات شكل تتناسب مع الدور، أما نيللي فكانت شقية ولا تناسب الدور كما كانت ترى هند رستم.
ما هي ذكرياتك عن هند رستم؟ :
لا أنسى فضل الفنانة هند رستم عليّ أثناء رعايتها لي في فيلم “الراهبة”، فقد كانت تعتبرني مثل بسنت ابنتها وقال أبي لهند رستم: “إن ابنتي أول مرة تبيت خارج المنزل”، فقالت له:" أنا أعتبر شمس مثل بسنت ابنتي". وبالفعل أقمت معها في “السويت” الخاص بها أثناء سفرنا لتصوير مشاهد الفيلم، ومن كثرة خوفها عليّ تركت لي غرفتها الخاصة في “السويت”، وكانت تبيت خارج الغرفة في “الريسبشن” الخاص بـ"السويت" بجوار مساعدتها على الكنبة.
أتذكر أنني أثناء رحلة التصوير أصبت بحالة انهيار من البكاء، وكنت أقول لهم أريد أن أكلم أمي وكنت أبكي بحرقة، وكنت مشتاقة جداً لها. فطلبوا لي مكالمة من “السويتش”، وعندما علمت موظفة السنترال أنني الفنانة الشابة التي قامت بالتمثيل في مسلسل “العسل المر” تركت لي المكالمة مع أمي مفتوحة دون تحديد دقائق.
وكيف كانت معاملة المخرج الكبير حسن الإمام لك أثناء تصوير فيلم “الراهبة”؟ :
كان طيباً جداً ويعاملني كأب ويوجهني جيداً أمام الكاميرا، وبعد انتهاء التصوير كان يتصل ويقول لي لماذا لا تتصلين بي يا شمس من حين لآخر؟
أنا بطبعي لا أجيد العلاقات الاجتماعية في أي مجال، فأصحابي هم أهلي وصديقتي في المدرسة وهم عالمي الذي أعيش فيه دائماً.
مرحلة عملك مع المخرج صلاح أبو سيف كيف كانت؟ :
تعاملت مع المخرج صلاح أبو سيف في مرحلة نضوجي الفني، فأنا طوال عمري أتعامل مع مخرجين كبار أمثال حسن الإمام، صلاح أبو سيف، حلمي رفلة وغيرهم، وقد كان المخرج حلمي رفلة صديقاً لنا أنا وزوجي حسن يوسف. وكنت أناديه “بابا حلمي”. وكثيراً ما كان يدعونا لقضاء بعض اللقاءات عنده في المنزل وكنا نتقابل مع الزميلة العزيزة نجلاء فتحي وزوجها في ذلك الوقت.
صلاح أبو سيف كان أباً وأخاً كبيراً وخلوقاً طيب القلب، وأحب أن أضيف هنا أن فيلم “حمام الملاطيلي” والذي أخرجه لي لم أقدم فيه أي مشاهد غريبة أو غير طبيعية، فأنا قدمت مثلما كانت تقدم الفنانات اللاتي سبقنني، وإن كان أقل مما كان يقدم. أنا كنت أقدم أفلاماً تشترك في مهرجانات مع مخرجين كبار، ولم أقدم عمري أي فيلم يطلق عليه أفلام بير السلم أو أفلام سرية.
ولماذا الضجة التي أحدثها الفيلم؟ :
الضجة التي أحدثها الفيلم كان سببها الأساسي اسم الفيلم، وأتذكر أنني عندما عرض عليّ الفيلم قلت للأستاذ صلاح: الدور لا يناسبني لكنه أصر وقال لي بالعكس ستؤدين الدور بنجاح كبير.
ما يحزنني أن جمالي قد استغل في بعض الأدوار بشكل خاطئ.
وكيف كانت علاقتك ببنات جيلك نجلاء فتحي ونيللي وميرفت أمين؟ :
لا توجد أي علاقة صداقة أو زيارات بيني وبينهن لكن أكن لهن كل حب وتقدير، نيللي جميلة ورقيقة ونجلاء جميلة و"جدعة" وميرفت هادئة ورقيقة وجميلة. وأتذكر أنه بعد إعلان اعتزالي وارتداء الحجاب قامت نيللي بمحاولات للاتصال بي، ولكنني لم أكن أرد على أي اتصالات أو تليفونات.
وماذا عن علاقتك بسعاد حسني بعد فيلم “حكاية الثلاث بنات”؟ :
سعاد حسني كانت جميلة ورقيقة وطيبة القلب، وكانت دائماً تقول لي “أنتِ تشبهين أختي في شكلها وملامحها”، وحزنت جداً عندما قابلها زوجي حسن في أواخر التسعينات في أحد فنادق لندن، وكان يرافق ابننا محمود عندما سافر للدراسة هناك. وسمع امرأة تناديه وتقول:" أهلاً يا حسن"، فتصور أنها من المعجبات فقال لها:" أهلاً وسهلاً بحضرتك"، فقالت:" أنا سعاد حسني يا حسن". ولم يصدق أن من أمامه هي سعاد حسني، فقد تغيرت ملامحها تماماً لدرجة أنه لم يعرفها فرحب بها كثيراً، وشعر بالإحراج وقال لها:" انتظريني يا سعاد سنستلم الغرفة وأعود إليك"، وكان ذلك في رمضان. ولكن لم يجدها فقد اختفت. وظل يبحث عنها وتليفوناتها لا ترد، وأتذكر أنني سافرت معه بعد عدة أشهر لأبحث عن سعاد، وكنت حريصة على ذلك فقد شعرت بأنها تحتاج لمن يتكلم معها، ويشعرها بأنه يحبها ويخاف عليها ولكن للأسف لم أجدها.
وزاد من حزني أن سعاد حسني اتصلت في منزلنا بالقاهرة أثناء سفري لأداء العمرة، وكانت تريد أن تتحدث معي وللأسف لم يأخذ ابني عمر رقم تليفونها؛ حيث عدت بعد اتصالها بيوم واحد. وبعدها بأيام رحلت سعاد ولا أدري ماذا كانت تريد أن تقول أو تحكي لي.
في نظرك هل نهاية سعاد حسني ستكون بهذا الشكل لو كانت متزوجة ولها أولاد؟
الموضوع أولاً وأخيراً هو أقدار كتبها الله، وأي إنسان يعيش الحياة التي كتبها سبحانه له وتكون نهايته هي النهاية التي يريدها الله له، ولكن في نظري أن الفنانة يجب أن تكون متوازنة بحيث تكون متزوجة ولها أولاد وفي نفس الوقت يكون اهتمامها بعملها هو رقم اثنين في حياتها، فلا يأخذ الفن منها كل وقتها ويكون على حساب حياتها العائلية التي ستكون هي الباقية للنهاية.
وأعتقد أن الجيل الحالي تعلم الدرس جيداً، فكثيرون منهم متزوجات وأنجبن أولاداً مبكراً، ويعملن أيضاً في الفن، ويحققن نجاحات كثيرة فيه.
كيف كانت بداية العلاقة بينك وبين الفنان والزوج حسن يوسف؟ :
كنت أتضايق منه وكثيراً ما غضبت منه؛ لأنه أحياناً أثناء عمله معي في الأفلام التي جمعت بيننا دائماً ما يسخر مني أو يمزح معي، وأنا لم أكن أتعود على هذا المزاح. فكنت أتضايق من كلامه الجريء، فمثلاً أتذكر في فيلم “حكاية الثلاث بنات” وكانت معنا في هذا الفيلم سعاد حسني وكنا في الإسكندرية وتجمعنا طاولة واحدة كفريق عمل، وطلبت أن آكل معكرونة وكنت في ذلك الوقت منتهية من امتحانات الثانوية العامة ووزني زائد إلى حد ما، فعلق على طلبي للمعكرونة قائلاً: “هو انتِ ناقصة”. فخجلت جداً من هذه الكلمة وتضايقت وأُحرجت أمام أبي الذي كان يرافقني أثناء التصوير في الإسكندرية.
أتذكر أيضاً عندما عملت مع حسن يوسف فيلماً من إخراج زهير بكير، وكنت في ذلك الوقت لم أصل إلى نجومية الصف الأول وحسن نجم كبير، وفي أحد أيام التصوير لم أذهب ولم أحضر فغضب جداً مني وقام بالاتصال بي، وكان يتحدث بلهجة لم تعجبني وقال لي “إزاي ما تجيش التصوير”، فقلت له “وانت مالك” فقال لي “نعم يا اختي”.
وفي فيلم آخر جمعنا معاً وكان يصور في سوريا بلد والدي، أتذكر أننا عندما وصلنا من المطار إلى الفندق لم تعجبني الغرفة التي سأقيم فيها، وكان حسن محجوزاً له “سويت” في أوتيل آخر، فتركت الغرفة وقلت لهم أنا أريد العودة إلى مصر، وأرفض أن أقيم في هذا الفندق، فقام حسن بحل هذه المشكلة بأن تنازل لي عن “السويت” الخاص به.
وأثناء تصوير هذا الفيلم زارني أهل أبي المقيمون في سوريا، وتعرفوا على حسن وكانوا معجبين به كممثل، وقاموا بدعوته على الغداء معي في منزلهم، وبدأت علاقة الصداقة بينهم وبينه. وعرفت بعد ذلك أنه كان يريد أن يتعرف جيداً على عائلتي حتى يتقدم بطلب يدي من أبي، وبعد انتهاء تصوير الفيلم عدت إلى مصر وبقي هو في سوريا لتصوير فيلم آخر مع نبيلة عبيد، واتصل بي وطلب مني أن يقابلني بمجرد وصوله مصر.
وتمت المقابلة، وكانت معنا صديقة عمري هناء كريم التي تعمل في القانون؛ لكي آخذ رأيها فيه وبالفعل أعجبت به كثيراً وبشخصيته، وشعرت بأنه إنسان صادق ومحترم وتم الزواج عام 1972.
من أكثر مخرج كنتما تشعران بالراحة في التعامل معه؟ :
حلمي رفلة كان صديقاً مقرباً لنا، ويحب أن يخرج لنا الأفلام التي يتم تصويرها خارج البلاد، وكان يقول دائماً أحب شمس وحسن لأنهما زوجان يجمع بينهما حب كبير، فبالتالي لن تحدث أي مشاكل بينهما في السفر.
ومن أهم الأفلام التي أخرجها لنا “الزواج السعيد”، وقد تم تصويره في لبنان وفيلم " حب على شاطئ ميامى " وتم تصويره في أميركا.
لماذا اعتذرتم عن العمل مع فريد الأطرش؟ :
فريد الأطرش كان جاراً لنا، وكنا نحبه كثيراً أنا وحسن، وهو أيضاً كان يبادلنا نفس الحب، ولهذا عرض علينا مشاركته في بطولة آخر أفلامه “نغم في حياتي”، ولكن اعتذر حسن لأننا كنا نستعد لتصوير فيلم “كفاني يا قلب”.
كيف كانت نقطة التحول في حياتك من التمثيل إلى الاعتزال وارتداء الحجاب ثم ارتداء النقاب؟ :
كنت قبل الاعتزال أعيش حياة عادية جداً. فقد علمتنا أمي كيف نكون سيدات منزل، وكيف أكون زوجة تهتم بزوجها وتوفر له الحياة الهادئة المطمئنة إلى جانب أنني كنت في غير أيام التصوير بيتوتية أقضي معظم وقتي في البيت أرعى أولادي وزوجي. أما بالنسبة للعبادات، فكنا نصوم رمضان، وهذا ما تعودنا عليه منذ الطفولة ونؤدي الصلاة ولكن في بعض الأيام كنا أحياناً ننشغل بتصوير الأعمال ونؤجل الصلاة حتى ننتهي من التصوير، فأجمع مثلاً العصر مع المغرب، وهذا خطأ يجب أن أصلي الصلاة في وقتها.
أتذكر العمرة بكل تفاصيلها التي حولت حياتي لحياة أخرى تماماً، وكانت أول مرة أزور بيت الله الحرام فقبل ذهابي إلى العمرة. وكان معي أبي قمت بشراء أربع عباءات بيضاء وعباءات أخرى سوداء وطرح من بعض المحلات، وذهبت أنا وأبي إلى العمرة، وهناك أمام الكعبة ارتجف قلبي ودق دقات لم أسمعها من قبل دقات الفرحة، وانهمرت دموعي ولم تتوقف وشعرت بأن الله يرسل لي رسالة بأن تتحول حياتي إلى حياة أخرى حياة عبادة وتقرب إلى الله أتفقه في الدين وقرأت القرآن، وكأني لم أقرأه من قبل وأشعر بمعانيه جيداً.
وأخبرت أبي أنني سأرتدي الحجاب ولن أخلعه ولن أمثل مرة أخرى. شعر أبي بأنه قرار وقتي وليس قراراً نهائياً، وأنني متأثرة بالروحانيات التي كنت أعيش فيها. وبعد عودتي من رحلة العمرة شعر حسن بأن هناك تغييراً حدث لي لدرجة أنه كان عندما يقول لي “تعالي نخرج نتفسح أو نتعشى في أي مكان”، كنت أرفض وأقول له أريد أن أقرأ القرآن، وأن أتأمل وأتدبر معاني كتاب الله، وفوجئ حسن بقرار اعتزالي بالرغم من أننا كنا نستعد لتصوير فيلم “غرام صاحبة السمو” من إنتاجه، وكنت قد اشتريت كل ملابس الفيلم قبل ذهابي إلى العمرة من فرنسا.
كيف كانت الحياة بعد الاعتزال؟ :
قمت بالاستغناء عن جميع الشغالات، وبدأت أقوم بكل واجبات المنزل. وكنت أذهب إلى الجمعيات التعاونية لشراء الخضراوات والفاكهة، وكل السلع التموينية بسعر أقل من الأسعار الموجودة في بعض محلات البقالة الخاصة حتى أقوم بالتوفير في ميزانية المنزل.
وأتذكر أنني كنت في إحدى الجمعيات التابعة لوزارة الزراعة، وكنت أشتري بعض الفواكه والخضراوات، ففوجئت بأن سيارة مسرعة قد اصطدمت بسيارتي البويك، وبالتالي عدت إلى المنزل متأخرة كثيراً حتى تم إصلاح السيارة وزاد قلق حسن عليّ لتأخري، وعندما وصلت إلى المنزل وشاهد السيارة قرر عدم ذهابي إلى أي من هذه الجمعيات وأن يتم شراء مستلزمات البيت عن طريق الهاتف.
ألم تتلقي عروضاً للتمثيل في هذه الفترة؟ :
بعد اعتزالي بسنوات كانت هناك محاولات من بعض المنتجين؛ لكي أعود في أدوار بحجابي ولكن رفضت وتوقف حسن فترة، وقام ببيع أرض في الإسماعيلية كنا سنقوم باستصلاحها وقام ببيع أرض في الجولف كنا سنقيم عليها منزل عائلة لنا وأولادنا، ولكن قرر حسن أن يعود وأخذ بنصيحة الشيخ الشعراوي له حيث قال له “زي ما علمت الشباب المعاكسات علمهم شيء يفيدهم”، فبدأ حسن من خلال شركته “نور الإيمان” بإنتاج بعض الأعمال الإسلامية للأطفال ثم بدأ يقدم أعمالاً دينية مثل “ابن ماجة”، وقام بإنتاج مسلسل “إمام الدعاة” محمد متولي الشعراوي ومسلسل “الإمام عبد الحليم محمود”. ثم قدم في الدراما الاجتماعية مسلسلات “زهرة وأزواجها الخمسة” و"مسائل عائلية" و"مسألة كرامة".
هل قمت بممارسة دور الداعية بعد حجابك؟ :
لم أقم بدور الداعية في أي يوم من الأيام منذ اعتزالي الفن منذ 38 عاماً، بل إنني كنت أرد على كل من يسألني عن تجربتي وكيف قررت الاعتزال وما الأسباب وما الكتب التي قرأتها، وكيف تفقهت في الدين وعن تفسير بعض الآيات التي درستها جيداً من القرآن من خلال قراءاتي في كتب التفسير مثل “بين الجلالين” وغيره من الكتب.
كيف كانت علاقتك بالشيخ الشعراوي؟ :
أكن له كل حب واحترام وتقدير. حسن زوجي كان أكثر قرباً وصلة بالشيخ الشعراوي لكني أتذكر في يوم من الأيام قد ذهب زوجي إلى مطعم شهير للكباب والكفتة في مصر، ووجد الشيخ الشعراوي هناك فدخل وسلم عليه وقال له إن زوجتي حامل في الطفل الثالث لنا، وتعبت كثيراً في الحمل الثاني وتشعر بحرمانية لو قامت بالتخلص منه، وأن الله سيعاقبها فقال له الشيخ:" فلتتركه ولن يصيبها تعب"، وبالفعل كنت في كامل صحتي في حملي لابني عمر. وعندما ذهبت حبيبتي شادية إلى الشيخ الشعراوي بعد حجابها تسأله في بعض الأمور الدينية نصحها بأن تتصل بي؛ لأنه والحمد لله توسم فيّ صدق الإيمان وبالفعل قامت بالاتصال بي وكنت لا أعرفها، ولم أقابلها في حياتي فوجدت صوتها الجميل يقول لي:" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أختك في الله شادية"، وكانت مكالمة ممتعة بيني وبينها سألتني في كثير من أمور الدين وعن تجربتي وكيف قررت الاعتزال وارتداء الحجاب، وكيف أعيش وما الذي أقرؤه من الكتب ونشأت بيننا صداقة استمرت حتى رحيلها وكانت تدعوني دائماً إلى زيارتها في بيتها بالجيزة، وهناك تقابلت مع علية الجعار، وكنا دائماً ما نتكلم في الدين وتحكي كل واحدة عن تجربتها وماذا تقرأ.
أما حبيبتي الراحلة مديحة كامل فقد اتصلت بي قبل ارتدائها الحجاب، وكانت تتحدث معي عن تجربتي كيف أعيش الآن وماذا أقرأ وأسباب اعتزالي، وكانت تسألني ماذا أفعل هل سأترك الفيلم الذي بدأت في تصويره وماذا أبدأ في القراءة، وما الكتب التي أبدأ في قراءتها واستمرت المكالمة ساعات طويلة، وكانت مديحة شغوفة جداً بما أحكي، وكأنها تشعر بأن عمرها قصير تريد أن تتعلم وتقرأ في فترة قصيرة كتباً كثيرة كانت صادقة وجميلة، وقد منّ الله عليها بختام الصالحين.
أشيع في أوائل التسعينيات أنك سافرت للدعوة في أمريكا مقابل أجر ما حقيقة هذا الموضوع؟:
كذب وافتراء مثلما قالوا إننا أخذنا أموالاً مقابل الحجاب. الحقيقة أن هناك مؤتمراً أقيم في أمريكا يسمى “المايا” دعوا فيه حسن لأنه ينتج أعمالاً إسلامية ودعوني معه، وطلبوا مني هناك أن ألقي وأحكي تجربتي في مدرج من مدرجات الجامعات والمقام عليه المؤتمر بدون أي مقابل طبعاً. أنا لست داعية ولم أدرس في الأزهر علوماً دينية تؤهلني بأن أكون داعية. ولم أتلق أي أموال مقابل دعوتي في أي بلد يطلب مني فيه أن أقول تجربتي عن الحجاب.
لماذا كنت متشددة في بداية حجابك وارتدائك النقاب؟ :
كنت في بداية حجابي ونقابي أقرأ في كتب السلف، وكنت أشدد على نفسي ولكن وجدت أن “ما شاد الدين أحد إلا غلبه فأوغلوا في الدين برفق”. كنت أحب النقاب وأعتز به لكن وجدت أن الأصل في الدين هو إظهار الوجه كما أكد العلماء، ووجدت أنني مع مرور الزمن أكبر في السن ولم يعد وجهي فتنة.
كيف تعيش شمس البارودي أمومتها مع أبنائها؟ :
أبناؤنا هم ثروتنا ربي يخليهم ويقر أعيننا بهم ناريمان الابنة الكبرى وأول فرحتنا تخرجت في الجامعة الأميركية ومحمود خريج جامعة أميركية وعمر درس فندقة في جامعة سويسرا وعبدالله درس في البداية طيران بأوكرانيا وحصل على إعلام من جامعة بيروت. علمت أبنائي أنا وزوجي الأخلاق والاحترام وقيمة الأشياء وعدم الكذب وعدم حب المال.
وماذا عن الحماة شمس البارودي؟ :
أعامل زوجة ابني عمر كأنها ابنتي أحبها كثيراً وأقوم بطهي الطعام لهما معنا وأرسله لهما على منزلهما.
وما رأيك في ابنك الفنان الشاب عمر حسن يوسف كممثل؟ :
الحمد لله كل التجارب التي قدمها سواء في السينما أو التليفزيون أنا راضية عنها تماماً عمر يقبل الأدوار التي تحمل رسالة ولا يقبل أي دور بهدف الانتشار، والحمد لله مسلسل “بالحجم العائلي” الذي قدمه في رمضان قبل الماضي مع النجم يحيى الفخراني كان نقطة انطلاق له.
الأخت الكبرى شمس البارودي ماذا تمثل لأشقائها الستة؟ :
أنا الأخت الكبرى لستة أشقاء هم محمد وناهد ووفاء وسناء وهناء وصفاء، يعتبروني الأخت والأم والصديقة ويحكون لي مشكلاتهم، وأقوم أنا بحلها. فأنا القلب المليء بالحب لكل أشقائي ويعتبرون حسن الأخ الأكبر لهم.
وما علاقتك الآن بابنة أختك غادة عادل؟ :
غادة ابنة أختي الكبرى من أمي، وقد رحلت وغادة صغيرة. وكنت أطمئن عليها دائماً أنا وشقيقاتي وأتابع أخبارها وأطمئن عليها مع أخواتي حتى الآن .