elCinema.com

قراءة في فلم : The Last Temptation of Christ 1988

[ من صفحة The Last Temptation of Christ ]
‘الإغراء الأخير للسيد المسيح’ فلم درامي يتناول حياة السيد المسيح، تم إنتاجه سنة 1988 للمخرج الرائع ‘مارتن سكورسيزي’، القصة مبنية على رواية تحمل نفس عنوان الفلم للكاتب اليوناني " نيكوس كازانتزاكيس"، المخرج في فلمه هذا يعالج قصة المسيح مغايرة للصورة التي تقدمها الأناجيل الأربعة، فهو يعتمد على أحداث إنجيلية إلا أنه يصورها كرحلة خيالية استكشافية للبحث عن حقيقة السيد المسيح.

الفلم يصنف ضمن أكثر الأفلام جدلا ، فهو خلق موجة من الإنتقادات بسبب الصورة الجرئية التي أعطاها عن المسيح، و بالرغم من كونه فلما دينيا و سيرة ذاتية لشخصية مقدسة، إلا أن الإنطلاقة للفلم تبدأ من شباب المسيح و ليس من ولادته و طفولته، في مدة طويلة تصل إلى ساعين و 44 دقيقة.

سيناريو الفلم قائم على تصوير شخصية المسيح ليس كنبي، بل كشاب حكيم توصل لفكرة الوحي الإلهي، بعد عدة صراعات نفسية : هلوسة، تخيلات، سماع أصوات تنادي بإسمه، رؤى لكائنات خرافية، حالة صرع، و هذه الوقائع تبرز لنا الفكرة الأساسية للفلم ، هي محاولة تفسير حياة المسيح بعيدا على الرؤية الأسطورية التي قدمتها الأناجيل, بالإضافة إلى تصوير المسيح كالحائر و المتردد بين كل حالة إلى أخرى.

الفلم كله تم تصويره بالمغرب، بل حتى الفلم يحاكي زمن المسيح عن طريق الثقافة المغربية، في الفلم نلاحظ أن صوت المسيح يرافق معظم الأحداث و الشخصيات، الجيد أيضا هو التمثيل الرائع للممثلين خاصة “ويليم دافو” الذي يلعب دور المسيح، مع التأكيد على أهمية الملبس و التزيين و خلق وسط مناسب و محاكي للزمن الروماني بطريقة مدهشة.

الفلم يحمل دلالات قوية في حبكته، فمثلا نجد أن المخرج يبرز لنا الجانب الجنسي للسيد المسيح مع عشيقته مريم المجدلية، و أيضا بعض اللقطات التي تبين لنا أن المسيح مثلي الجنس، و أضف إلى ذلك أن الفلم يجعلنا نرى التابع يهوذا بمثابة البريء، و لا ننسى تصوير الفلم للسيد المسيح بمثابة صانع الثورة و المتلهف للحكم و السلطة، كأن المخرج أخذ كل شخصيات الكتاب المقدس و بدأ في نسج صورة خيالية عنهم.

الفلم في الحقيقة عظيم في طرحه, هناك ملحوظة هي أن الفلم يقدم فكرة الإلهام الإلهي في سياق تطوري يمر منه المسيح : يعتقد المسيح أولا بنبوته و مخلص الشعب اليهودي، ثم بعدها يظن نفسه إبن الرب ، و أخيرا يصبح هو الرب نفسه، و ذلك إنطلاقا من هلوسته و تخيلاته التي يعاني منها، وهذه نقطة مهمة أدرجها المخرج تجعلك تغير نظرتك حول : الله، النبوة، الشيطان، الملاك … إلخ, سيبقى هذا الفلم من ضمن الأعمال العظيمة التي رسمها لنا المخرج مارتن سكورسيزي.

تقييمي : 9.5/10