elCinema.com

أخر حوار مع الفنانة " منى " أجرى قبل وفاتها بأربع سنوات :

[ من صفحة أخر حوار مع الفنانة " منى " أجرى قبل وفاتها بأربع سنوات : ]
ولدت الفنانة منى في 13 نوفمبر سنة 1923 بلبنان ، جاءت وهي طفلة رضيعة مع أمها آسيا داغر و ابنة خالتها ماري كوينى الى مصر… وكان والدها اللبنانى قد توفى فى لبنان قبل سفرهم … وتلقت تعليمها بالمدارس الأجنبية في القاهرة .
ولأن عائلتها كلها عائلة فنية ، فقد تأثرت بالفن و اتجهت الى التمثيل فى السينما … وقدمت 22 فيلماً سينمائياً في الفترة من عام 1944 حتى عام 1954 …حصرها المخرجين فى الادوار الشريرة و بالاخص دور الفتاة الارستقراطية و التى تحاول ان تخطف حبيب البطلة .
كان أول افلامها فيلم " أما جنان " عام 1944 مع عبد الفتاح القصري وحسن فايق وإسماعيل ياسين ، وفي عام 1945 قدمت 3 أفلام دفعة واحدة ، كان الأول فيلم هو " الجيل الجديد" مع حسين صدقي وسميرة خلوصي وعلوية جميل ، وكان الثاني فيلم " هذا ما جناه أبي " مع صباح وزكي رستم ، و فيلم " القلب له واحد " مع أنور وجدي وصباح .
لتنطلق بعد ذلك في عديد من الأفلام الشهيرة وهي :
" أم السعد " سنة 1946 ، " الواجب " سنة 1948 ، " ست البيت " سنة 1949 " ساعة لقلبك " ، " شاطئ الغرام " سنة 1950 ، " الدنيا حلوة " ، " ضحيت غرامي " سنة 1951 .
ويعتبر عام 1952 هو أكثر الأعوام التي مثلت فيه حيث قامت بالتمثيل في 6 أفلام سينمائية شهيرة هي : " آمال ، من القلب للقلب ، أنا وحدي ، حياتي أنا ، قدم الخير ، ظلمت روحي "
وفي عام 1953 قدمت دوراً في فيلم " نشالة هانم "
وكان آخر أعمالها فيلمي " لمين هواك " ، " يا ظالمني " سنة 1954
وفي عام 1955 قررت الإعتزال عقب زواجها من المحامي الشهير وقتها علي منصور بعد أن أشهرت إسلامها، ثم ابتعدت عن السينما والأضواء وأبعدت نفسها عن الوسط الفني تماماً وعن وسائله الإعلامية ، وظلت هكذا إلى أن توفت في 1 يونيو 2000 .
أخر حوار مع الفنانة " منـــــــــى " نشر فى مجلة أخبار النجوم " بتاريخ 26 اكتوبر 1996 :
لو كانت واحدة غيرها …ماكانت قد فعلت مثلها فمن هى الفتاة التى تختار بنفسها أن تغلق ابواب الشهرة و أن ترفض النجومية و تختار بمحض ارادتها أن تكون " ربة بيت " عادية تهب كل حياتها لزوجها و اولادها و احفادها …و تتحدث عن الشهرة بلامبالاة …وترى فى بريق النجومية …مجرد سراب زائل !! و تكتفى بأن يكون ملخص حياتها : ابنه بارة وزوجة مخلصة و ام وجدة معطاءة …
تلك هى " منى " بنت آسيا :

  • نادرا ما يدق أحد باب الفيلا التى تقع بالطابق الاول و الثانى فى عمارة لوتس بميدان تريومف بمصر الجديدة …فى هذه الفيلا تعيش " منى داغر " ابنة الفنانة و المنتجة آسيا منذ 24 سنه ومن هذه الفيلا رحلت آسيا عن الحياة بعد سنوات مرض قليلة …الأثاث قديم و لكنه يحمل رائحة ذوق الأربعينات و الخمسينات القديم …وتبدو كل قطعة و كأنها تحفة نادرة …والغريب انه لا توجد على الحوائط أية صور لصاحبة البيت الفنانة " منى " … لاشئ سوى صورة لزوجها المحامى الشهير على منصور و بورتوريه لوالدتها الفنانة آسيا …و الذين يعرفون منى يعلمون جيدا انها انسانة عازفة عن الأضواء فهى لم تجر أية مقابلة صحفية طوال حياتها و لاتسعى لنشر اخبارها بل و لاتميل للحديث عن حياتها الفنية التى لم تستمر اكثر من 9 سنوات و قد اعتزلت منى السينما عام 1955 …و حتى لا تفضل الحديث عن نفسها اكثر من الحديث عن والدتها الفنانة آسيا التى تتكلم عنها بإنبهار شديد …و تقول آسيا نموذج لن يتكرر و رغم ذلك فقد ألحيت عليها حتى تكلمت أخيرا و روت قصة حياتها التى اعتقد انها أهم و أثرى انسانيا من اى فيلم قامت بتمثيله ! .
    عن أيام طفولتها قالت منى :
    فى طفولتى عشت فى مدرسة " نوتردام " الداخلية … وكنت أقضى عطلة نهاية الاسبوع فى البيت …كنت الابنة الوحيدة لآسيا و قد كبرت على احترامها احتراما فوق الوصف …وقد كانت جديرة بهذا الاحترام …كانت امى سيدة حازمة فى حياتها و فى عملها و لكنها فى البيت كانت اما حنونة للغاية …و كنا نعيش أيامها وسط القاهرة بجوار بنك مصر و كانت فى العطلة تأخذنى معها الى الاستوديو و هناك تعرفنى على كبار الفنانين مثل مارى كوينى ابنة خالتى و احمد جلال و الغريب أن اضواء الفن لم تجذبنى ابدا …لكن امى آسيا كانت تتمنى أن اكون امتدادا لها فى السينما سواء فى التمثيل او الانتاج لكن الحقيقة اننى لم أستطع أن أحقق لها هذا الحلم بسبب بسيط هو اننى لم استطع أن أكون " آسيا " التى كانت موهوبة و ذات قدرات يصعب أن تجتمع فى امرأة واحدة و أتذكر إنها لم تكن تتحدث الا عن العمل و السينما .
  • كيف اذن وافقت على التمثيل فى أفلام والدتك آسيا ؟
    ** كنت عندما بلغت السادسة عشرة من عمرى قد تزوجت و أشهرت اسلامى لكن زواجى هذا لم يطل كثيرا و انتهى بالانفصال …وبعدها بعامين اتذكر ان والدتى كانت جالسة مع بديع خيرى و المخرج هنرى بركات و هم يقومون بالتحضير لفيلم " القلب له واحد " بطولة صباح و دخلت عليهم ووجدتهم يتحدثون عن اجور الفنانين المشتركين فى الفيلم و كانوا يفكرون فى الإستعانة بالفنانة مديحة يسرى …ووجدت نفسى أقول لهم ما ينفعش أنا ؟ …لم تنطق امى …وذهل بديع خيرى و بركات …و ظلا يحدقان فى وجهى و كأنهما يشاهدنى لاول مرة فى حياتهم !!.
    ثم سألنى بركات : انتى بتتكلمى جد ؟
    قلت له : نعم .
    ظلوا ينظرون ناحيتى و كأنهم عثروا على ضالتهم …اما أنا فقد كانت الفكرة التى تدور فى عقلى شيئا أخر غير شهرة السينما …و سألتهم : لو مثلت فى الفيلم حاتعملوا لى كام فستان ؟؟ كانت الفساتين كل ما يهمنى فى الموضوع !! …و بسرعة وافقوا على أن اعمل فى الفيلم و فرحت أمى آسيا للغاية …و كنت فى ذلك الوقت مدمنة قراءة و كثيرا ماكنت أطرح عليها بعض الافكار المأخوذة عن الروايات التى أقراها …و توالت بعد ذلك الافلام …لكنى فى الحقيقة كنت فتاة خجول و لم اثمن الشهرة مثل غيرى من الفتيات فى مثل عمرى …وبعد ذلك قمت بأدوار فى افلام “هذا جناه أبى " مع صباح و زكى رستم و يبدو أن تكوينى كان يرشحنى لتمثيل شخصية الفتاة المغرورة او الشريرة …ومثلت " ظلمت روحى " و " لمين هواك” و" ياظالمنى" لكن اكثر هذه الافلام قربا الى نفسى كان " ظلمت روحى" الذى شعرت اننى مثلت فيه بقلب وكان بطولة شادية و محسن سرحان و سليمان نجيب و فريد شوقى …اما يا ظالمنى فكان آخر افلامى الذى ظهر عام 1952 وبعده اعتزلت … وكنت وقتها فى السابعة و العشرين من عمرى .
  • لماذا اعتزلتى و قد كان فى إمكانك وانتى فى هذه السن و بجمالك وبقوة والدتك الفنانة آسيا أن تستمرى فى السينما ؟
    ** تقول : بعد هذه الافلام القليلة ادركت اننى ابدا لن اكون امتدادا لامى آسيا التى اقتنعت فى النهاية و بعد فشل محاولاتها معى ان أستمر فى السينما او حتى على الاقل ان اعمل فى الانتاج و اقتنعت بقرارى الاخير و هو الاعتزال .
  • هل زعلت آسيا لاعتزالك ؟
    ** زعلت جدا .
  • خاصمتك ؟
    ** لا طبعا .
  • ماذا فعلتى بعد الاعتزال ؟
    ** بعد أن اعتزلت بعام واحد …تزوجت .
  • حينما تتحدث عن قصة زواجها …يأتى الحديث مغموسا فى الحب و الشجن معا .
    تقول : كما ذكرت بأن زواجى وانا فى السادسة عشرة من على برهان لم يستمر سوى عامين و بعد ان اعتزلت شاهدت زوجى الراحل على منصور الذى كان محاميا لامى وكنت اتردد على مكتبة و حصلت القسمة و تزوجنا .
    …وهكذا اصبحت زوجة و ربة بيت …و اتذكر اننى بعد سنوات و بعد ان انجبت اولادى و اثناء تصوير فيلم رد قلبى …قال لى الراحل عز الدين ذو الفقار : خسارة يا منى …يا ريتك حتى اشتغلتى فى الانتاج زى والدتك آسيا !! …قلت له : ما انا برضة شغالة فى الانتاج !! …سألنى بدهشة : ازاى ؟؟ …قلت له : اذا كانت ماما انتجت افلاما …فانا انتجت مدرسة اولاد و اقوم برعايتهم من أجل البلد !! وضحك العاملون فى الفيلم .
  • كيف تحولت ببساطة هكذا من نجمة الى ربة بيت ؟
    ** لم يكن هذا صعبا على …فقد كانت امى آسيا ست بيت ممتازة .
  • كيف كانت العشرة مع زوجك الراحل المحامى على منصور ؟ .
    ** كانت عشرته الله يرحمه اكثر من طيبة و حتى اللحظة فانا احمد الله على اننى كنت بنت آسيا و حرم على منصور .
  • وتتحدث منى عن السنوات الاخيرة لوالدتها آسيا و تقول : كانت امى سقطت على الارض و انكسرت رجلها و اجرت عملية جراحية فيها …و ظلت مريضة اربع سنوات و نصف لم افارقها فيها لحظة وكنت الممرضة لها …كانت امى رحمها الله انسانة مؤمنة …وكانت تضع على المخدة الى جوار رأسها المصحف و الإنجيل معا …و بدأت فى النهاية ذاكرتها تضعف و تنسى التفاصيل …وأتذكر يوم رحيلها عندما دخلت غرفتها فى الصباح فوجدتها تتمتم بكلمة لم أسمعها …سألتها : بتقولى حاجة يا ماما ؟ قالت لى وهى تنادينى باللقب الذى تعودت على أن تنادينى به …ايوة يا حبيبتى !..سألتها بتقولى ايه ؟؟ قالت بقول يارب ! …وفاضت روحها فى ثوان فى الساعة الثانية عشرة ظهرا …ومن يوم ما رحلت …أخدت الخير كله معها .
  • أنجبت منى ثلاث بنات و ولدا واحدا …الابن هو الدكتور محمد على برهان وتفيدة على برهان و الفت على منصور التى تعمل فى الامم المتحدة و تعيش فى الولايات المتحدة الامريكية و سمية على منصور التى فارقت الحياة .وتعيش منى مع حفيدتها مروة الطالبة بالصف الثانى الاعدادى .
    تقول منى : من ساعة ما سمية راحت و اعيش مع بنتها مروة التى يعيش اخوها وليد مع والده …وانام مع مروة فى حجرة واحدة …وهى تداعبنى كلما شاهدت أحد افلامى القديمة فى التليفزيون …وتقول لى : ياه …ده انتى كنتى حلوة قوى يا تيتا ! .
  • وماذا تقولين عندما تشاهدين أفلامك ؟
    ** بافتكر زمان …بس مش ندمانة إنى سبت السينما .
  • وماذا تفعلين فى يومك ؟
    ** ابدا …لقد قرأت القرآن أكثر من مرة …لكن عينى أصابها الضعف و أجريت عملية جراحية …و الحمد لله على كل شئ …كفاية إنى شايفة حبيبة قلبى مروة .