[ من صفحة فيلم : كفرناحوم ]
كفرناحوم Capharnaum
كان فيلم ( كفرناحوم ) اللبناني ، لمخرجته " نادين لبكي " ، مفاجأة مهرجان ( كان ) السينمائي الدولي ، في دورة عام 2018 ، فمنحه السعفة الذهبية من فئة جائزة لجنة التحكيم ، و في مهرجان ( سيزار ) السينمائي الفرنسي ، الذي اختتم دورته للعام التالي ( 2019 ) ، كان مرشحاً لجائزة المهرجان أيضاً ، و قد أشادت به لجنة الجائزة ــ بشكل خاص ــ قبل افتتاح المهرجان ، و وصل الى القائمة القصيرة لجائزة أوسكار أفضل فيلم دولي ( غير ناطق بالإنجليزية ) في الدورة الحادية و التسعين … عام 2019 .
ولكن هذا الفيلم اللبناني كان قد تعرّض للهجوم من قبل نفر من الموتورين المنتمين لـ ( حزب الله ) في لبنان نفسه ، فورَ الإعلان عن فوزه بجائزة مهرجان ( كان ) ، معتبرين هذه الجائزة جائزةً ( صهيونية ) و أنها مُنحت للمخرجة لأن قرية ( كفر ناحوم ) اسرائيلية ، و قد غفلوا ــ لجهلهم ــ أن هذه القرية مذكورة في إنجيل " متي " : ( لَقَدْ دَعَا يَسُوعُ ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْأَرْبَعَةَ، بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، كَيْ يُصْبِحُوا صَيَّادِي نَاسٍ. وَفِي ٱلسَّبْتِ، يَذْهَبُونَ جَمِيعًا إِلَى ٱلْمَجْمَعِ فِي كَفَرْنَاحُومَ حَيْثُ يَرُوحُ يَسُوعُ يُعَلِّمُ. وَمَرَّةً أُخْرَى، يُذْهِلُ أُسْلُوبُهُ ٱلسَّامِعِينَ لِأَنَّهُ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَةٌ، لَا كَٱلْكَتَبَةِ ) . و مذكورة في إنجيل " مرقص " أيضاً . و هؤلاء يجهلون أن " ناحوم " هو صاحب النبوءة السابعة في ( العهد القديم ) و قد عاش في القرن السابع عشر قبل الميلاد ، و لا علاقة له بالصهيونية ، و يجهلون أن السيد المسيح كان قد ألقى خطبةً في ( كفرناحوم ) .
النقطة التي تُسجل على الفيلم هي ضَعف الصوت ، و هي مشكلة تقنية تعاني منها السينما العربية عموماً ، ولكن الفيلم عُرض في المهرجانات و المحافل الدولية مترجماً بصيغة الـ ( السبتايتل ) ، ما يعني عدمَ وجودِ مشكلةٍ لدى المتلقي الأجنبي من جهة الصوت .
يبدأُ الفيلمُ بمَشاهدَ بانوراميةٍ عريضةٍ عمودية ، من الأعلى ، أي من زاوية ( عين الطائر ) ، فتظهر أمامنا السطوحُ في صورةٍ مذهلة من التشكيل البَصَري ، السطوح التي تغطيها قِطعُ النايلون العريضة المثبتة باطارات السيارات ، السطوح المليئة بالخردوات ، ما يعكس طبيعة المجتمع الذي يسكن تحت هذه السطوح . كان ذلك مدخلاً حكيماً لفيلم " نادين لبَكي " ، و يعكس فَهماً عميقاً للغة السينما .
تكاد تكون الثلاثون دقيقةً الأولى من الفيلم بمثابة تهيئةٍ للمناخ الدرامي الذي سيتصاعد بصورةٍ مذهلة ، و بما أهّل الفيلم لنيل السعفة الذهبية من مهرجان ( كان ) و الترشيح لجائزة الأوسكار .
لقد آثرت المخرجة الذكية أن تختار ممثلين غير محترفين ، فنجحت في اختياراتها ، ذلك أن جميع الذين ظهروا في الفيلم كانوا متفوقين على المحترفين ، و في مقدمتهم الصبي " زين الرفاعي " الذي مثل دور بطل الفيلم ( زين ) ، و قد أدى دوره أداءً مذهلاً . و هو من عائلة سورية لاجئة الى لبنان من ( درعا ) ، بعد الأحداث التي عصفت بسوريا منذ عام 2011 . ولكنه وصل مع عائلته ــ فيما بعد ــ الى النرويج كلاجئين ، و الآن أصبح شاباً ، و لقد استطاع الوصول الى هوليوود ليمثل الى جانب " أنجلينا جولي " و " سلمى حايك " … و غيرهما .
و يظهر الممثل الصبي " زين " في شخصية وجودية تحمل ذات الإسم : " زين " . يبحث عن معنى وجوده وسط فوضى الحياة لعائلة سورية مهجرة تعيش حياة عشوائية في لبنان ، حتى أنه يقيم دعوى قضائية ضد والديه كونهما جاءا به الى هذه الحياة و هما غير قادرين على تحمل مسؤوليتهما في توفير العيش الكريم له و في تعليمه ، و كأنه يتمثل قول الشاعر " أبو العلاء المعرّي " :
( هذا جناه أبي عليّ
و ما جنيتُ على أحد ) .
حقق الفيلم رقماً قياسيا في شباك التذاكر ــ عالمياً ــ قياساً الى جميع الأفلام العربية على الإطلاق ، إذ بلغت إيراداته نحو 70 مليون دولار أمريكي على مستوى العالم ، منها 54 مليوناً في الصين وحدها ، و ذلك مقابل ميزانية لم تتجاوز الأربعة ملايين دولار .
لقد كان وصول الفيلم لى القائمة القصيرة للأوسكار بمثابة فوز فخري بالجائزة … أمام أفلام منافسة بقوة ، كان كل واحدٍ منها هو الأقرب الى نيلها :
- ( حربٌ باردة ـCold War ) من بولندا ) .
- ( روما ـ Roma ) من المكسيك ، و قد فاز بالجائزة .
- ( لا تنظر بعيداً ـ Never Look Away ) من آلمانيا .
- ( شؤون عائلية ـ Shoplifters ) من اليابان .