[ من صفحة فيلم : The Human Voice ]
الصوت الإنساني Human Voice
إنتاج 2014
عبارةٌ مؤثرةٌ تظهر في نهاية هذا الفيلم : ( من أجل أمي ) ، تلك هي العبارة التي وقـّعها المخرج " إدواردو بونتي " إبن " صوفيا لورين " . و هذه العبارة من الممكن أن نفهمها على أنها تحية لتاريخ والدته التي كانت حياتها سلسلة أفلام شهيرة ممتعة أحبت فيها أبطال قصصها ، ولكنها لم تلعب على حبال تلك الأفلام ، على الرغم من وصفها بأنها ( ممثلة إغراء ) ، بل بقيت مرتبطةً بزوج واحد فقط حتى وفاته ، هو المنتج " كارلو بونتي " ( 1912 ـ 2007 ) الذي أنجبت منه ولدين ، هما : " كارلو بونتي الإبن " و " إدواردو بونتي " … مخرج هذا الفيلم .
هذا الفيلم المكثف ، الذي لا يبلغ طوله حتى نصف الساعة ، هو قصيدةُ لوعةٍ إنسانية ، قد تكون لوعةَ رجلٍ عاشق يشعر بالفقدان أيضاً و ليست لوعةَ إمرأةٍ فقط شعورها بالفقدان أعمق ألماً و أشد مرارةً .
الفيلم مُقتبَسٌ من مسرحيةٍ للشاعر و المخرج الفرنسي " جان كوكتو " ( 1889 ـ 1963 ) . تدور أحداثها في مدينة نابولي الإيطالية عام 1950 . و كما سنشاهد فإن أبطالَ الفيلم ثلاثةٌ فقط : المرأة الموهومة بالتواصل " انجيلا " ، الهاتف ، الوهم . عدا ذلك فمدبرة المنزل إنما هي مدركة لهذا الوهم ، و هي خارج دائرته ، لذلك هي تقول عن العاشقة الموهومة " انجيلا " : ( كل الجيران يسمعونها و السيد لا يسمعها ــ تقصد المعشوق الوهمي ) ، و أيضاً تُعِدُّ هذه المدبرةُ مائدةً لشخصين : انجيلا و المعشوق ، مداراةً لأوهام سيدتها.
و قد سبق للممثلة " آنا مانياني " (1907 ـ 1973 ) أن مثلت هذا الدور مع " برت لانكستر ، و هي ممثلة إيطالية حاصلة على جائزة أوسكار كأفضل ممثلة عام 1955 عن فيلم ( وشم الوردة The Rose Tattoo ) .
المخرج " أدواردو بونتي " قدم فيلماً إيطالياً بإمتياز ، بعناصره الأساسية : السيناريو ، الإخراج ، التصوير ، التمثيل ( ببصمة " صوفيا لورين" ) .
و يُحيلنا وهمُ " انجيلا " ، في هذا العمل ، الى قصةٍ ، أظنها لـ " مكسيم غوركي " ، عن إمرأة تتوهم حبيباً يكتب إليها رسائل هيام ، تكتب هي تلك الرسائل و تضع على المظروف عنوانها و ترسلها بالبريد … و عندما تستلمها تقرأها بروح هيمانة بحب الحبيب الوهمي الذي ( يعشقها ) … فيكتب إليها تلك ( الرسائل) .
فيلم جميل ، على قِصره ، يعكس لوعة من لوعات البشر ، ذكوراً كانوا أم أناثاً ، هي لوعة الفقد ، و التعويض عنه بالوهم ، و بالتالي التعايش مع هذا الوهم في ظل أمل لا يثمر … ولكنه يظل مخضرّاً .