elCinema.com

أخر حوار مع المطربة الراحلة شريفة فاضل الشهيرة بسلطانة الطرب :

[ من صفحة شريفة فاضل ]
بعد أن ملأت حياتها بالاغانى و الافراح أصبحت الآن تعيش وحيدة فى غرفتها تقضى وقتها فى ما بين النوم والصلاة وقراءة القرآن، وتقول :" أنا تعبانة وخلاص راحت عليا …ما حدش بيزورنى وما بقدرش أخرج …خلاص تعبت" .
“اللى بيكبر ماحدش بيفتكره ولا بيعرفه …ما حدش بيكلمه ولا يزوره”… قالت هذه الكلمات بصوت يملؤه الحزن وتظهر من بين نبراته علامات الإرهاق والمرض والتسليم بأن الزمن لم يعد كما كان.
عدنا بالذاكرة إلى الوراء وتذكرنا شريفة فاضل وهي في قمة المجد وهي تؤدي اغنية ( فلاح كان فايت بيغنى من جنب السور).
وفي حرب الاستنزاف استشهد ابنها الأكبر السيد بدير فغنت لأمهات الشهداء في مصر كلها (أنا أم البطل).
وكلما هلَّ علينا شهر رمضان المعظم نستمتع بأغنيتها الرائعة (والله لسه بدري يا شهر الصيام) حينما يوشك الشهر على توديعنا… ومن الصعب أن يقام أي فرح أو عرس دون أن يتم تشغيل (مبروك عليك يا معجباني) وعشرات الأغاني الأخرى التي كانت المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية تتنافس على إذاعتها أعواما طويلة.
هكذا مر أمامنا شريط ذكريات (سلطانة الطرب)… هذا اللقب الذي ظل يلازم الفنانة الكبيرة سنوات طويلة حتى الآن منذ أن أسند لها مخرج الروائع حسن الإمام دور منيرة المهدية أول فنانة تم إطلاق هذا اللقب عليها، وبعد تألق شريفة فاضل في تقمصها للشخصية نجحت في الفوز باللقب.
توجهنا للفنانة الكبيرة لنسألها من هى شريفة فاضل ؟
اسمي الحقيقي فوقية محمود أحمد ندا من مواليد عام 1938 بالقاهرة.
وأنتمي لأسرة دينية فجدي هو القارئ الشيخ أحمد ندا أحد كبار مشاهير قراءة القرآن الكريم في مصر.
نشأت وتربيت بداخل عوامة وليس بيتاً عادياً، وهذه العوامة كان يملكها زوج والدتي الذي تزوجته بعد انفصالها عن والدي، وكان زوجها هذا أحد أثرياء مصر الكبار وهو إبراهيم الفلكي والذي أطلق اسمه على شارع وميدان الفلكي الشهير بوسط القاهرة وانتقلت للإقامة معها في عوامته بجوار كوبري الجلاء انا وأشقائي… والحق يقال أن هذا الرجل كان يعاملنا معاملة طيبة للغاية فلم نشعر أبداً أنه زوج أم بل كان لنا بمثابة الأب، وبداخل هذه العوامة كان يحضر إليها كل أثرياء مصر وكبار الباشوات والمسؤولين وفي مقدمتهم الملك فاروق الذي كان يحضر مرتين في الشهر ومعه رجاله، ولا أنسي أن أول مرة غنيت فيها كانت أمام ملك مصر وأنا طفلة فصفق لي.
بداية المشوار :

  • ومن الذي اكتشف موهبتك في الغناء؟
    منذ طفولتي وأنا عاشقة للغناء فكنت أغني طوال اليوم سواء في المدرسة أو في البيت (العوامة) وكانت أمي تشجعني وكانت عوامتنا بجوار عوامة رجل الأعمال الشهير السيد ياسين (صاحب مصانع الزجاج الشهيرة حتى اليوم)، ولأن عوامته كانت لصيقة بعوامتنا كان ضيفا دائما في سهرات زوج والدتي فكان يسمعني وأنا اغني طوال اليوم وأعجبه صوتي جداً فطلب من والدتي أن أدخل المجال الفني كمطربة من خلال فيلم كان يقوم بإنتاجه وفعلاً شاركت بالغناء والتمثيل في أول فيلم وكان اسمه (الأب) وأديت فيه شخصية طفلة عمياء تغني مع أخيها.
    ومن هنا بدأ مشواري مع الفن حيث ساعدني زوج والدتي على الاستمرار وشجعني بقوة وألحقني بمعهد التمثيل كمستمعة لأن سني كان صغيرا جداً والتحقت بالإذاعة وأنا في الثالثة عشرة من عمري وقمت بتسجيل عدد كبير من الأغاني وتعرف الجمهور على صوتي من خلالها ثم شاركت وأنا في الرابعة عشرة من عمري في فيلم (أولادي) عام 1951 تأليف وإخراج عمر جميعي وبطولة مديحة يسري وشادية، في نفس العام 1951 شاركت في فيلم (وداعاً يا غرامي) مع فاتن حمامة وعماد حمدي وعباس فارس وزينب صدقي.
    جلسات الكبار :
    =============
  • ومن الذي اختار لك اسمك الفني شريفة فاضل؟
    الشاعر الكبير صالح جودت (رحمه الله) كان له فضل كبير عليّ ففي بيته تعلمت السيناريو والحوار وحضرت جلسات أكبر شعراء وكتاب وفناني هذا العصر وتعلمت كيف يصقل الفنان موهبته ويصبح متميزاً حتى تغيرت مفاهيمي وأفكاري بشكل كامل وأصبحت أتردد على الصالونات الأدبية والفنية الشهيرة التي كانت تقام في هذا الوقت وفي مقدمتها صالون الأديب العملاق عباس محمود العقاد.
    الزوج الاول :
    ==========
  • الفنان الكبير الراحل السيد بدير كان أول أزواجك فكيف جاء التعارف بينكما خاصة إنك كنت في سن صغيرة؟
    تم التعارف داخل الإذاعة بعد نجاحي كمطربة وكان هذا في منتصف الخمسينات وهناك شاهدني وشجعني ووقف إلى جانبي وعبر لي عن مشاعره نحوي وعرض عليّ الزواج.
    ورغم فارق السن بيننا إلا أنني كنت معجبة به وبأعماله الناجحة كمؤلف ومخرج بل وممثل وكنت في حاجة شديدة لمن يقف إلى جانبي ويساعدني أكثر على النجاح ومن هنا وافقت على الزواج منه دون تفكير.
  • وهل ساعدك ووقف إلى جانبك كما كنت تحلمين؟
    لقد صدمت بشدة حيث وجدته بعد الزواج يسعى لمنعي من العمل وإجباري على الجلوس في المنزل فقد كان شديد الغيرة عليّ.
  • وماذا كان موقفك؟
    بالطبع لم أكن مستعدة بأي حال للتراجع عن أحلامي وطموحاتي فتمردت عليه خاصة بعد أن قرر تحويل المسلسل الإذاعي الناجح (ليلة رهيبة) إلى فيلم سينمائي بنفس العنوان وأسند البطولة لفنانة غيري فصممت أن أكون أنا بطلة الفيلم مع شكري سرحان وعبد الوارث عسر فرفض بشدة فهددته بترك المنزل والانفصال وكادت الأمور تصل لهذه الدرجة لولا تدخل الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في الوقت المناسب.
    موسيقار الاجيال :
    ==============
  • وما علاقة محمد عبد الوهاب بهذا الأمر؟
    كان عبد الوهاب صديقاً لزوجي السيد بدير وحكى له سيد ما حدث بيننا من خلافات فطلب عبد الوهاب أن يجلس معي وبالفعل جاء السيد بدير وقال لي سنذهب لعبد الوهاب ليحكم بيننا وسوف يستمع لصوتك ولو شهد بصلاحيتك أعدك بأن أسند لك بطولة الفيلم ولو قال عكس ذلك لن تخرجي من البيت.
  • وماذا كان رد فعلك؟
    فرحت ووافقت دون تردد فقد كان أحد أحلامي أن أرى عبد الوهاب عن قرب.
  • وبماذا حكم عبد الوهاب؟
    لقد فوجئ عبد الوهاب بأنني صغيرة جداً حيث لم يكن عمري تجاوز السابعة عشرة وعند دخوله علينا اعتقد أنني ابنة السيد بدير أتيت معه ليعتذر عن حضور زوجته التي كان ينتظرها، فقد كان السيد بدير متزوجاً من سيدة أخرى ولديه منها أبناء، وتسبب هذا في إحراج شديد للسيد بدير خاصة بعدما ضحك عبد الوهاب ضحكته الشهيرة ثم قال لي (غني يا شاطرة) فارتبكت لكنني غنيت أمامه جزءا من أغنية لأم كلثوم وجزءا آخر من أغنية لليلى مراد وجزءا ثالثا من أغنية له هو.
  • وماذا كان تعليقه؟
    فاجأني وفاجأ السيد بدير بقوله: (رغم صغر سنك إلا أنك بالفعل مطربة متمكنة… استمري وأنا سأقف معك).
    أول ظهور سينمائي :
    ===============
  • وماذا كان رد فعل السيد بدير حيال هذا الرأي؟
    وفي بوعده وأعطاني بطولة الفيلم وكان أول ظهور حقيقي لي على شاشة السينما في (ليلة رهيبة) عام 1957 مع شكري سرحان ومحمود المليجي وعبد الوارث عسر من إخراج السيد بدير وحقق الفيلم نجاحاً طيباً.
    ً وراحت الجماهير تتغنى بأغنيتي التي قدمتها فيه (أمانة ما تسهرني يا بكرة) التي حققت نجاحاً مدوياً وكتبت بها شهادة ميلادي الحقيقية كمطربة.
    وكان الفيلم شهادة ميلادي كممثلة حيث بدأ المخرجون والمنتجون يدقون بابي ويطلبونني في أفلامهم حتى وصل رصيدي إلى نحو 20 فيلماً 15 منها كممثلة وخمسة كمطربة وكان في إمكاني تقديم أضعاف هذا الرقم إلا أن نجاحي كمطربة أخذني كثيراً من السينما وفي الوقت ذاته كنت دقيقة جداً في اختياراتي.
    أبرز الافلام :
    ==========
  • وما هي أبرز هذه الأفلام التي قمت ببطولتها وشاركت فيها؟
    أعقبت فيلم (ليلة رهيبة) بفيلم (اللعب بالنار) مع زوزو ماضي ومحمود المليجي تأليف وإخراج عمر جميعي ثم كان فيلم (مفتش المباحث) قصة وإخراج حسين فوزي وحوار السيد زيادة مع يوسف وهبي ورشدي أباظة ونجوى فؤاد عام 1958.
    وتفرغت بعد هذا أربعة أعوام كمطربة فقط حتى وافقت على العودة عام 1962 بفيلم (في مهب الريح) مع زبيدة ثروت وشكري سرحان والمليجي أيضاً تأليف وإخراج السيد بدير وأعقبته عام 1964 بفيلم (فاتنة الجماهير) مع صباح ويوسف شعبان سيناريو وإخراج محمد سلمان ثم كانت النقلة الحقيقية عام 1966 بفيلم (حارة السقايين) مع محمد عوض وأمين الهنيدي إخراج السيد زيادة وقدمت فيه أغنيتي الشهيرة (ما تروحش تبيع الميه في حارة السقايين) وحققت نجاحاً عظيماً ونفدت آلاف النسخ منها بعد طبعها على اسطوانات وشرائط وكانت الإذاعة تعيد إذاعتها ليل نهار وظل الجمهور سنوات طويلة يطلبها مني في الحفلات ثم توالت الأفلام وكان من أبرزها فيلم (غازية من سنباط) مع محمد عوض والمطرب الراحل عبد اللطيف التلباني وأمين الهنيدي إخراج السيد زيادة أيضاً إلا أنه لم يحقق نفس النجاح الذي حققه (حارة السقايين) بسبب ظروف حرب 1967 التي اشتعلت في هذا الوقت ولم أهتم بنجاح الفيلم أو فشله حيث انطلقت مع بقية المطربين الآخرين لنشارك في المجهود الحربي فكثفت من الأغاني الوطنية ورحت أتجول في كافة المدن والمحافظات لأشارك في إحياء الحفلات الوطنية دون أجر وفي عام 1970 عدت بفيلم (الحب والثمن) تأليف وإخراج عبد الرحمن الحميشي مع أحمد مظهر وزيزي البدراوي وإبراهيم خان وفي عام 1972 شاركت في بطولة فيلم (الراعية الحسناء) في سوريا مع نور الشريف وناهد شريف إخراج عاطف سالم.
    أسباب الانفصال :
    ============
  • نعود لحكايتك مع أول أزواجك السيد بدير وموقفه من نجاحك والأسباب التي أدت لانفصالك عنه؟
    رغم اقتناعه الكامل بي كمطربة وممثلة إلا أن غيرته الشديدة عليّ لم تنته فكان يسعى بكافة السبل لإجباري على الجلوس في المنزل والاعتذار عن السيناريوهات التي كانت تعرض عليّ ولم أعد أتحمل مراقبته المستمرة لي عن طريق السائق وبعد ذلك استمرت الخلافات حتى وصلت العلاقة لطريق مسدود ولم يكن هناك بديل عن الطلاق.
  • وماذا كان تأثير الطلاق على مسيرتك الفنية؟
    بصدق شديد كان تأثيرا إيجابيا جداً حيث انطلقت بقوة فبعد الطلاق مباشرة قدمت مع الموسيقار منير مراد مجموعة من أنجح أغنياتي أذكر منها (الشيخ مسعود) و(فلاح كان فايت بيغني) إلا أن الانطلاقة الكبرى كان السبب فيها عبد الحليم حافظ.
    العندليب الأسمر :
    ============
  • وما هو دور عبد الحليم في انطلاقتك الفنية؟
    عبد الحليم أثنى كثيراً على صوتي ووقف إلى جانبي في مرحلة كنت في أشد الحاجة فيها لهذا وساهم في انطلاقتي الكبرى بأن تبنتني شركة (صوت الفن) التي كان يملكها هو وعبد الوهاب وطبع لي ثلاث اسطوانات وتم توزيعها في كافة الدول العربية ومن هنا تجاوز صوتي حدود مصر لكافة الأقطار الأخرى وأدركت أنني أصبحت مطربة ناجحة بعد أن اصطحبني عبد الحليم معه في أول رحلة سفر لي خارج مصر إلى تونس ثم وجدته ذات يوم يطلبني للسفر معه لرحلة المغرب وفاجأني بقوله ان الملك الحسن (ملك المغرب) طلبك بالاسم. حيث كان قد استمع إليَّ عبر الراديو ومن خلال الاسطوانات وأبدى إعجابه الشديد بصوتي وما لا يعرفه الكثيرون أن الملك الحسن كان رجلا فنانا ويجيد العزف على آلة الأوكورديون فقد كانت هذه هوايته في أوقات الفراغ وعند وصولي للمغرب عاملني معاملة خاصة كما لم يعامل مطربة من قبل.
    الزوج الثاني :
    ==========
  • حدثينا إذن عن قصة زواجك من اللواء طيار علي زكي وبداية تعارفك به؟
    أنا كنت أعرفه جيداً قبل انفصالي من السيد بدير فقد كان عمه زوج ابنة خالتي وتوطدت العلاقة أكثر بعد انفصالي من السيد بدير وأدركت أنه عاشق للفن ويحب صوتي وتبادلنا الاتصالات والأحاديث فشعرت بالحب نحوه وصارحني هو بحبه لي وعرض عليّ الزواج فوافقت دون تردد وظل على موقفه يشجعني ويقف إلى جانبي مما ضاعف من حبي واحترامي له والأهم من هذا أنه كان يعامل أبنائي من السيد بدير وهم (السيد) الذي استشهد في حرب الاستنزاف و(سامي) معاملة حسنة تماماً مثل أبنائه ولم يفرق أبداً في معاملته لهما حتى بعد إنجابنا لابننا تامر.
    أم البطل :
    ========
  • وكيف جاءت فكرة أغنية (أم البطل) التي قدمتها بعد استشهاد ابنك وكان واضحاً تأثرك البالغ برحيله ووصلت لقلوب الجميع فكانت تتردد في كل البيوت بعد الحرب؟
    أنا التي فكرت في الأغنية ليس عن ابني فقط ولكن تعبيراً عن مشاعر وآلام كل الأمهات المصريات والعرب اللاتي فقدن أبناءهن وهم في عمر الزهور في الحرب وقدمتها بصدق شديد دون افتعال ولأن ما يخرج من القلب لابد وأن يصل للقلب فنجحت الأغنية بهذا الشكل الكبير.
    شكوى كيدية :
    ==========
  • قبل أعوام فوجئنا بقيام مباحث الإدارة العامة لمكافحة جرائم الآداب بإلقاء القبض عليك واتهامك بإدارة شقتك التي تقع بالطابق الـ 17 بعمارة (بلمونت) الشهيرة بجاردن سيتي للعب القمار… ما ردك؟
    لقد كانت تهمة سيئة بمثابة وصمة العار في تاريخي فقد دبرها لي أعدائي وقت انشغالي بقضية الكازينو واجتهادي لاستعادة حقي فسعوا لتشتيت ذهني عنها… كانت قضية كيدية دبرت لي فأنا فنانة كبيرة حريصة على اسمي وتاريخي فكيف ولماذا ألجأ لهذا الأسلوب والاتجار بمكانتي والحمد لله ثبتت براءتي.
  • إذن ما حقيقة ما نشر عن قيامك بامتلاك شبكة تليفزيونية للتعرف على أي شخص غريب يقترب من الشقة وكانت الكاميرات تكشف السلالم والأسانسير لزوم الاحتياطات؟
    وأي تهمة في هذا ؟!! معظم الفنانين ورجال الأعمال يضعون كاميرات وأجهزة إنذار أمام مساكنهم للتعرف على أي شخص غريب يقترب منهم وأخذ الاحتياطات اللازمة والحمد لله ثبتت براءتي من هذه التهمة السيئة ولكن للأسف الصحف تهتم بشدة بنشر القضايا عند ضبطها ولا تهتم بنفس الشكل عند إعلان البراءة وهذا شيء سيئ جداً يسيء لسمعة الناس ويجب مراعاته.
    باعت شريفة فاضل كازينو الليل بعدما أصيب زوجها الثانى اللواء طيار على زكى بالشلل فتفرغت لخدمته، وأنجبت منه ابنها تامر الذى يعيش معها حاليا، بينما يعيش ابنها سامى السيد بدير فى أيرلندا.