[ من صفحة حرب كرموز ]
يعتبر فيلم حرب كرموز نقطة تحول و إنطلاقة جديدة بالنسبة للسينما المصرية عموما، و للمخرج المجتهد بيتر ميمي خصوصا. فلم يسبق لنا أن شاهدنا فيلم بهذا المستوي الإنتاجي العظيم، الذي سمح للمخرج بالإبداع دون القلق على الميزانية من قبل. بيتر ميمي يخرج كما لو كان شخص أخر لا نعرفه، برغم الإستسهال في أشياء و تفاصيل كثيرة سنتحدث عنها فيما بعد، و لكن تقدمه ملحوظ ومفاجئ بالنسبة لنا، فهنيئا بيتر ميمي علي هذا المستوي الذي وصل إليه، و نتمني له المزيد من التفوق في فيلمه الجديد (نادي الرجال السري).
قصة الفيلم تدبأ بحادث إغتصاب إرتكبه جنود إنجليز في فتاة مصرية، و حين سمع بعض الشباب المصري صراخها، خرجوا ليروا ماذا يحدث، و تعارك المصريين والجنود الإنجليز حتى قتل واحدا من كلتا الطرفين. تذهب الفتاة إلي قسم كرموز، و هناك، يقرر الجنرال يوسف المصري القبض على الجنود الإنجليز و الشباب المصري ليعرضهم علي المحكمة، مما يغضب قيادات الجيش الإنجليزي فيتحركوا لمحاصرة القسم، و من هنا تدبأ الحرب.
قد تبدوا القصة في حد ذاتها نمطية و قديمة بعض الشئ، فأول ما تذكرناه بعد مشاهدة أول فصل في الفيلم هو حادث دنشواي. و لكن المخرج ببراعة شديدة لم يسمح بملل النمط التسلسل إلي مشاعرنا أثناء مشاهدة الفيلم. بالعكس، إستطاع بيتر ميمي أن يشد انتباهنا من أول دقيقة في الفيلم إلى نهايته. بالرغم من بعض الأخطاء الواضحة في أشياء كثيرة. سذاجة السيناريو بعض الشئ مثلا. فقد شعرنا أن طريقة الكلام بين الممثليين ترجع لعصرنا هذا و ليس للأربعينات، مما جعلنا نشعر أن الحوار لا ينطبق علي الصورة. تأكدنا من التكاسل في إتقان الكتابة بعض الشئ. بالأخص حوار الممثل سكوت ادكنز، فقد شعرنا كلامه سطحي إلى حد محبط قليلا. كما أن السيناريو حمل بعض الشعارات التقليدية المعلبة، التي تستطيع أن تفقد حماس أي متفرج. كل هذا فشل في إقناعي بأننا نشاهد مشاهد حقيقية خارج الستوديو.كما أن السيناريو تجاهل بعض الشخصيات التي عشنا معها طوال الفيلم و لم نراها في النهاية رغم إننا انتظرناهم. و أوجد شخصية سارة الشامي في بداية الفيلم، و لم نسمع عنها شئ بعد ذلك، مع أننا شعرنا أنها شخصية مهمة.
برغم من هذه الأخطاء،التي أزعجتنا، إستطعنا أن نغفر للفيلم كل هذه الأخطاء لأسباب عدة، منها القدرة على شد إنتباهنا بحماس طوال الفيلم. أداء الممثلين ساهم في ذلك، أعظمهم في رأينا كان الممثل الشاب محمود حجازي، الذي قام بدور جنرال زميل يوسف المصري. كان عبقريا بكل معنى الكلمة، تعاطفنا معه في مشاهدة كثيرا، هنيئا له بهذا النجاح، و نتمنى له المزيد من التميز. كما أمتعنا كثيرا الممثل مصطفي خاطر بتغيير جلده في هذا الفيلم، نجاحه في أداء الشخصية استحق مخاطرته بالتغيير.الممثل محمود حميدة كالعادة أدائه عظيم و متميز، و يستخدم طوال الفيلم اللازمة كانت جميلة.أداء الممثل أمير كرارة كان جيدا، و لكنه منسوخ من شخصية سليم الأنصاري في مسلسل كلبش، مما جعلنا نشعر أننا قد رأينا ما يعرض على الشاشة من قبل. حضور الممثل سكوت أدكنز كان ممتعا و ملفتا، خصوصا في مشهد مواجهته مع أمير كرارة، فقد كانت حماسية جدا. موسيقى الفيلم كانت عادية و لكن دق الطبول أثار حماسنا عند بداية الحرب بشكل كبير جدا.
بشكل عام، حرب كرموز يعتبر فيلم يحاول أن يخرج عن النمط الذي اعتدنا عليه في أفلام الأكشن، يحاول تقدمة شئ جديد. يخاطر بمواجهة تحديات كثيرة لم ينجح في أغلبها. و لكن لا بأس. لابد أن تكون هناك بداية في مكان ما. نحن نري فيلم حرب كرموز نقطة إنطلاق جديدة، فهو الفيلم المصري الذي خاطر لتقدمة شئ جديد. نحن نؤمن كثيرا بالتغيير، و نعلم أن تقديم أنواع جديدة يشرط علينا أن نخطئ كثيرا في البداية حتى نتعلم. و لكننا علي استعداد بأن نغفر تلك الأخطاء في سبيل الطموح بالتغيير.ننصح بمشاهدة فيلم حرب كرموز، لأنه ممتع جدا و يستحق دعمنا.